نساء وشعراء وامراء

مادةهذا الموضوع نقلا من بعض المنتديات والمواقع على الشبكة

قصص قصيرة فيها قيم أدبية من فنون الاعتذار وحسن الجواب

وسرعة البديهة وجمال التعليق وبلاغة التعبير والردود المفحمة

توبة وليلى

أصدق الشعراء وعداً هو توبة الحميّري ، وكان يهوى ليلى الأخيليّة ، فزوجها أهلها لرجل غيره ، فمرت يوماً على قبره وهي في هودج على جمل ومعها زوجها ، فاستأذنته أن تسلم عليه، فأذن لها.
فتقدمت وقالت : السلام عليك ياتوبة ، ثم ألتفتت إلى زوجها وقالت : والله ما كذب علي كذبة قط قبل هذه.
قال زوجها : وكيف؟ ، قالت : لقد سلّمت عليه فلم يرد ، وهو القائل:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي
ودوني تربة وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا
إليها صدىً من جانب القبر صائح.
زقا: هب ، والهامة : طائر تزعم العرب أنه يخرج من رأس القتيل فينادي : أسقوني أسقوني حتى يؤخذ بثأر القتيل .
فلما أنهت ليلى كلامها ، زقا في وجه جملها طائر بوم كان مختبئاً جانب القبر ، فجفل جملها فأوقع هودجها، فسقطت منه واندقّ عنقها فماتت ودفنت بجوار قبره.

وفي رواية اخري:

هذه قصة هذا الشعر كما رواها أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني فقد ذكر : " أن ليلى الأخيلية أقبلت من سفرٍ، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها وهي في هودجٍ لها
فقالت: والله لا أبرح حتى أسلم على توبة، فجعل زوجها يمنعها من ذلك وتأبى إلا أن تلم به فلما كثر ذلك منها تركها، فصعدت أكمةً عليها قبر توبة، فقالت: السلام عليك يا توبة، ثم حولت وجهها إلى القوم فقالت: ما عرفت له كذبةً قط قبل هذا. قالوا: وكيف؟ قالت

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت

علي ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا

إليها صدًى من جانب القبر صائح

وأغبط من ليلى بما لا أناله

ألا كل ما قرت به العين صالح

فما باله لم يسلم علي كما قال !. وكانت

إلى جانب القبر بومة كامنة فلما رأت الهودج
، واضطرابه فزعت وطارت في وجه الجمل، فنفر فرمى بليلى على رأسها،

فماتت من وقتها،

فدفنت إلى جنبه. وهذا هو الصحيح من خبر وفاتها .

ومما قالته ليلى في توبة[b][b][b][b]أيـا عَـيْـنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ
بـسَـحٍّ كَـفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ
لِـتَـبْـكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَة نِسْوَةٌ ٍ
بـمـاءِ شُـؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ
سَـمِـعْـنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ
ولا يَـبْـعَـثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ
كـأنَّ فَـتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ
بِـنَـجْـدٍ ولَـمْ يَطْلُع مَعَ المُتَغَوِّرِ ْ
ولَـمْ يَـرِدِ الـماءَ السِّدامَ إذا بَدا
الصُّبْح في بادِي الجَواشي مُوّ سَنا[/b][/b][/b][/b]

ومما قاله توبة فيها

نـأتْـكَ بـليلى دارُها لا تَزورها
وشطت نواها واستمَّر مريرُها
وخـفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ
كما خفّ من نيل المرامي جفيرُها ِ
وقـال رجـال لا يَـضيرُكَ نأيُها
بلى كلَّ ما شفَّ النفوس يضيرها َ
ألـيس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا
ويـمـنعَ منها نومُها وسُرورُها

أسفرت فأنذرت
ينسب الحب العذري إلى بني عذرة، وهي قبيلة اشتهرت بهذا الحب العفيف، حيث إن الفتى يتعلق قلبه بالفتاة وهم صغار ، فإذا بلغت أختمرت وحجبها أهلها عنه ، فيشتاق الفتى إليها ، ويحترق قلبه بلوعة فراقها ، ويهيم ، وربما فقد عقله وقتله هواه .

وفي ذلك يقول قيس بن الملوح
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم .

ولما حجبت ليلى الأخيلية عن توبة ، صارا يتواعدان في موضع فكان يجلس إليها وهي في حجابها ويبثها أشواقه ووجده ولوعته ويسمعها ما قال فيها من شعر .
عشق توبة ليلي وبادلته هي هذا العشق فكان يعرف توبة بالشجاعة والأخلاق الكريمة كما عرفت هي ، بجمالها وفصاحتها ولكن منذ متى تكتمل قصص حب الشعراء بالنهايات السعيدة، فعندما تقدم توبة لوالدها لكي يتزوج بها رفضه والدها لما كان من انتشار أمرهما وذيوع قصة حبهما ، فما كان من والدها إلا أن قام بتزويجها من آخر وعلى الرغم من هذا استمر اللقاء بين توبة وليلي فقام قومها بشكواه إلى السلطان الذي قام بإهدار دمه.
وفي إحدى المرات التي قدم فيها توبة لزياراتها ترصد له قومها في المكان الذي يتلاقى فيه ولما علمت خرجت إليه مسفرة وكان هذا على غير عاداتها حيث كانت معتادة أن تلقاه مبرقعة وهو الأمر الذي جعله يشك بوجود أمر ما خطير فسارع بالهروب فكانت ليلى سبباً في إنقاذ حياته.
ظل توبة يهيم عشقاً بليلى وينشد فيها القصائد الشعرية حتى آخر يوم في حياته، ويقال إن ليلى تزوجت مرتين ولكن ظل حبها لتوبة يحتل مساحة من قلبها.

كثير وقطام

مرّ كثير عزة الشاعر الجاهلي المشهور بدار قطام صاحبة إبن ملجم (قاتل علي رضي الله عنه ) فقال: لابد أن أمر بهذه المرأة وأؤنبها .
فقالوا له: لا تذهب إليها ، فإن لها جواباً (أي رداً مفحماً).
فقال : لابد أن أفعل .
فدخل عليها فقال : أنت قطام ؟
قالت نعم !
قال : صاحبة علي ؟
قالت:بل صاحبة إبن ملجم
قال : وفيك قتل علي ؟
قالت : بل مات بأجله، فمن أنت ؟
قال: كثير
قالت: كثير عزة؟
قال : نعم
قالت: الحمد لله الذي قصّر بك فلم تعرف إلا بإمرأة (أي بنسبته إلى عزّة ) فأفحمته

وفي رواية اخرى:

بسم الله الرحمن الرحيم
قدم الشاعر كثير الكوفه وكان شيعيا من أنصار محمد إبن الحنفيه فقال:
"دلوني على منزل قطام"قيل له" وما تريد منها:؟قال:
"أريد أن أوبخها في قتل علي بن ابي طالب صلوات الله عليه" فقيل له:
"عد عن رايك فإن عقلها ليس كعقول النساء" قال :"لا والله لا انتهي حتى أنظر إليها وأكلمها".
فخرج يسأل عن منزلها حتى دفع اليها,فستأذن فأذنت له, فرأى إمرأة برزه وقد تخددت, وقد حنا الدهر من قناتها, فقالت:"من الرجل" قال:"كثير بن عند الرحمن".قالت:"التيمي الخزاعي"؟قال :"التيمي الخزاعي",ثم قال لها:"هل انت قطام"؟قالت:" نعم"
قال :"أانت صاحبة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه"؟قالت:"بل صاحبة عبد الرحمن بن ملجم".قال:"أليس هو قتل علياً"؟
قالت:" بل مات بأجله". قال :"والله إني كنت أحب أن أراك فلما رأيتك نبت عيني عنك,وما مقك قلبي ولا احلوليت في صدري"
قالت" أنت والله قصير القامه صغير الهامه ضعيف الدعامه" كما قيل :لإن تسمع بالمعيدي خير من ان تراه".فأنشأ كثير يقول:
رأتْ رجلا أوْدى السفار بِجسمه....فلم يبق الا منطق وجناجن
قالت:" لله درك ما عرفت إلا بعزة تقصيرا بك"قال:"والله لقد سار لها شعري وطار بها ذكري وقرب من الخلفاء مجلسي, زانها لكما قلت فيها:
وإن خفيت كانت لعينك قُرَّةً.............وإن تبد يوما لم يعمك عارها
من الخفرات البيض لم تر شِقوة........وفي الحسب المحْض الرفيع نجارُها
فما روضة بالحَزْنِ طيبةُ الثرى...........يمجُّ الندى جَثْجَاثُها وعَرَارُها
بأطيب من فيها إذا جئت طارقا..........وقد اوقدت بالمندل الرَّطب نارها
قالت :"والله ما سمعت شعرا أضعف من شعركهذا,والله لو فُعِلَ هذا بزنجية طاب ريحها.الا قلت كما قال امرؤ القيس:
الم تر أني كلما جئت طارقا........وجدت بها طيبا وإن لم تطيَّبِ
قال :"لله درك"وخرج وهو يقول:
ألحق أبلج لا تزيغ سبيله.....والحق يعرفه ذو الالباب

سكينة وكثير

كانت سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما صاحبة بصر بالنقد وذوق في الشعر،فكان الشعراء إذا جاؤوا مدينة الرسول (ص) يمرون بها فيعرضون عليها أشعارهم من وراء حجاب فتنقد ما تسمع.
فجاء كُثير فأسمعها قوله:
وما روضة طيبة الثرى
يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهناً
وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
المندل: (نبات مثل العود تصدرمن إحراقه رائحة طيبة)
فقالت له : وأية منتنة تبتخر بالمندل الرطب لا تطيب ريحها؟
هلا قلت كما قال سيدك أمرؤ القيس :
ألم ترياني كلما جئت دارها
وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
فأفحمته بقولها.

هند والمغيرة

كانت هند بنت النعمان تسكن الكوفى وقد عمى الله بصرها، فجاءها االمغيرة بن شعبة يخطبها لنفسه وهو أمير الكوفة وكان أعوراً.
فقالت له هند : يا مغيرة ، ما اردت من زواجي إلا أن تجلس في مجلس قومك وتقول : تزوجت إبنة النعمان بن المنذر، وإلا فما الخير في إجتماع أعور بعمياء ؟.
فخرج من عندهاوهو يقول:لله درّها ما أنفذ بصيرتها

قيس وليلى

كان قيس على موعد مع ليلى ، فعرف أبوها وأخوها ، فجاءا إلى الموعد وقد جردا سيفهما لقتله . فلما وصلا إلى المكان تسللا بهدوء حتى اصبحا قريبين يسمعان حديثهما ، ,إذا بقيس يقول لها: يا ليلى ، لو دعوتك إلى ما يكون بين الرجل والمراه في الخلوه ، ما يكون منك؟
فانتفضت وقالت : لو فعلت ذلك
لقتلتك بخنجري هذا ، وأخرجت خنجراً من كم ثوبها
فقال : والله لو أجبتني
إلى ذلك لقتلتك بسيفى هذا ، وأشار إلى سيفه
ثم قال : إنما أردت أن

أمتحن حبك لي، وعفافك فيه
فالتفت أبوها إلى أخيها وقال له : ارجع بنا

يا بني فما نحن بأحرص عليها منه ، ولا منها على عفافها، ثم رجعا
***
وامتنع أبوها عن تزويجه لأنه لا يمتلك المهر
وكان قيس إبن عم ليلى ،
وفي ذلك يقول قيس

يكلفني عمي ثمانين ناقة
ومالي والرحمن غير ثمان

ولكنه بعد أن أشتهر بحبها وذكرها في شعره أبى
، تزويجه على عادة العرب . فلما هام قيس على وجهه ومات ، ندم عمه وقال :
ما كنت أظن أن الأمر يصل به إلى هذا ، وإلا لزوجتها له دون مهر.

شاعر وجارية

أرسل أحد الشعراء إلى فتاة يقصد إغواءها ، فقال:
إني رأيت بك الحياة تزيد
وإليك شوق في الفؤاد شديد
فدعي التقاليد التي أورثتها
ليس الذكي يقوده التقليد
وتحرري من قيد تأريخ مضى
وتقدمي إن الجريء سعيد
فأرسلت إليه بأبيات تنم عن قوة شخصيتها وإدراكها للحياة وفهمها لما يجول في خلده من شر وما ينويه من سوء.
فقالت له :
يا طالباً ود نجم في مجرته
إن الدنيء بما يرجوه مردود
صن ماء وجهك من صد فإن لنا
ديناً يصون وما بذل الهوى جود
ما شوه الحسن إلا بذل جاهله
في حسن ظن لمن أنيابه صيد

فانخذل ولم يعاود إليها ، فلما انتشر خبر أبياتها أقبل عليها القوم يخطبونها.

الحجاج وحروريّة

أدخلت إلى الحجاج امرأة من الحروريّة أسرها جنوده )الحرورية فرقة اٍسلامية خارجه لها أفكار خاصة مخالفة للجماعة والسنة ظهرت زمن الخلفاء الراشدين وأشتد أمرها في عهد علي بن أبي طالب. وسميت بالحرورية نسبة إلى بلدة حروراء في الكوفة وكانت مركز خروجهم، على علي بن أبي طالب.(

استشار الحجاج في أمرها الجالسين .
فقالوا : أقتلها أيها الأمير .
فتبسمت الحرورية .
فقال الحجاج : اراك تبتسمين ؟.
قالت : لقد كان وزراء أخيك فرعون خيراً من وزرائك ياحجاج ، فقد استشارهم في أمر موسى عليه السلام ، فقالوا له : (أرجه وأخاه) الأعراف 111
وأنت تستشير وزراءك فيّ ، فيقولون أقتلها.
فضحك الحجاج وعفا عنها .

سيدنا عمر وإمرأة

كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي) يستكشف أحوال الرعيّة ،فمر ببيت سمع فيه امرأة تنوِّم طفلها وتنشد له فكان مما أنشدت
فو الله لولا الله لاشيء غيره لصدع من هذا السرير جوانبه فلما كان الصباح سال عمر عن زوجها ؟ .
فقيل له إنه في جيوش الفاتحين

فجاء إلى إبنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، فسألها كم تصبر الزوجة على غياب زوجها؟.
فسكتت ، فقال شهر ؟ ، قالت :تصبر ، قال شهرين؟ قالت تصبر فلما بلغ خمسة أشهر قالت نعم ولا تصبر فوق ذلك فارسل لامراء الجنود بأن لا يؤخروا مجاهداً على بيته أكثر من خمسة أشهر

أم جعفر بنت عبد الله . . امرأ ة من الأنصار من بني حطمة . .
عفيفة ذات دين وشرف . . ابتليت بالأحوص, أحدالشعراء الذين ملأوا أشعارهم بالزور والبهتان. .
فشبب بها في شعره . .
وقال فيها أشعاراً كثيرة . . واختلق أشياء بينهما لا وجود لها في الحقيقة . .
فوقعت في حرج شديد . . وانقسم الناس ما بين مصدق ومكذب . .
فلما كثر فيها القول . .
جاءت في كامل سترها وحشمتها . .

فوقفت عليه في مجلس قومه وهو لا يعرفها . .
فقالت له :اقبضني ثمن الغنم التي ابتعتها مني

. . فقال:ما ابتعت منك شيئاً . .
فأظهرت كتاباً قد زورته عليه . . وبكت وشكت حاجه وضراء وفاقة . .
وقالت :يا قوم كلموه . . فكلمه قومه . .

وقالوا له :اقض حق المرأة . .
فجعل يحلف مجتهداً انه لما رآها قط وأنه لا يعرفها . .

فانتشر الخبر بينهما . .
واجتمع الناس . . وكثر لغطهم . . فمنهم من نصر المرأة . . ومنهم من نصر الأحوص . .
فلما انتشر الخبر بين الناس . .
قامت المرأة و قالت :يا عدو الله . . صدقت والله . . ومالي عليك حق . . وأنت لا تعرفني . .

وقد حلفت بذلك وأنت صادق . . وأنا أم جعفر التي تتحدث عنها في شعرك تقول :
قلت لأم جعفر . . وقالت لي أم جعفر . . وأنت في ذلك كاذب . .
فـــبُـــــــــــهِـــــــت الأحوص وخجـــــل أمام قومه . .
وظهرت براءة المرأة وعفتها.
ومن ما قال فيها.

وإنّي ليدعوني هوى أمِّ جعفرٍ وجاراتها منْ ساعة ٍ فأجيبُ
وإنِّي لآتي البيتَ ما إنْ أحبُّهُ وأكثرُ هجرَ البيتِ وهوِ حبيبُ
تطيبُ ليَ الدُّنيا مراراً وإنَّها لتخبثُ حتَّى ما تكادُ تطيبُ
وإِنِّي إذَا ما جِئْتُكُمْ مُتَهَلِّلاً بَدَا مِنْكُمُ وَجْهٌ عَلَيَّ قَطُوبُ
وَأُغْضِي عَلَى أَشْيَاءَ مِنْكُمْ تَسُوءُني وَأُدَعى إِلى ما سَرَّكُمْ فَأُجِيبُ
وأحبسُ عنكِ النَّفسَ والنَّفسُ صبَّة ٌ بقربكِ والممشى إليكِ قريبُ
وَمَا زِلْتُ مِنْ ذِكْرَاكِ حَتَّى كَأَنَّني أميمٌ بأفناءِ الدِّيارِ سليبُ
أَبُثُّكَ ما أَلْقَى ، وَفِي النَّفسِ حَاجَة ٌ لها بينَ جلدي والعظامِ دبيبُ
هبيني امرأً إمَّا بريئاً ظلمتهِ وإِمَّا مُسِيئاً مُذْنِباً فَيَتُوبُ
فلا تتركي نفسي شعاعاً فإنَّها من الحزنِ قدْ كادتْ عليكِ تذوبُ
لكِ اللهُ إنِّي واصلٌ ما وصلتني ومثنٍ بما أوليتني ومثيبُ
وَآخُذُ مَا أَعْطَيْتِ عَفْواً وإِنَّني لأَزْوَرُ عَمَّا تَكْرَهِينَ هَيُوبُ

أبوالعيناء وإمرأة
قال أبوالعيناء: خطبت امرأة،فاستقبحتني ولم تعجبها صورتي فكتبت لها:
فإن تنفري من قبح وجهي فإنني
أريب أديب لا غبي ولا فدم
فردت عليّ تقول: ليس لديوان الرسائل أريدك

حاتم وماوية

كان حاتم الطائي كريماً لا يمسك مالاً، ولايرد سائلاً حتى ضرب به المثل ، فيقال (كرم حاتمي) . ونظراً لطبيعة الحياة البدوية الجاهلية راحت ماوية زوجته تلومه على جوده المفرط ن وتقول له : جد بشيء وابق لنا شيئا ،ولا تسرع يدك بالمال حتى يأتيك غيره . فقال لها:

أَمَاوِيّ ! قد طالَ التَّجنّبُ والهَجْـرُ
وَقَدْ عَذَرَتْني مِنْ طِلابِكُمُ العُـذْرُ
أَمَاوِيّ ! إنَّ المالَ غَـادٍ ورائِـحٌ
وَيَبْقَى مِنَ المالِ الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
أَمَاوِيّ ! إنِّي لا أَقُـولُ لِسَائِـلٍ
إذِا جَاءَ يوماً حَلَّ في مالِنَـا نَـزْرُ
أَمَـاوِيّ ! إمَّـا مَانِـعٌ فَمُبَيَّـنٌ
وإمَّـا عَطَاءٌ لا يُنَهْنِهُـهُ الزَّجْـرُ
أَمَاوِيّ ! ما يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الفَتَـى
إذا حَشْرَجَتْ نَفْسٌ وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
إذا أنَـا دلاَّنِـي الذيـنَ أُحِبُّهُـمْ
لِمَلْحُـودَةٍ ، زُلْـجٌ جَوَانِبُهَا غُبْـرُ
وَرَاحُوا عِجَالاً يَنْفُضُونَ أَكُفَّهُـمْ
يَقُولُونَ دَمَّـى أَنَامِلَنَـا الحَفْـرُ
أَمَاوِيّ ! إنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بِقَفْـرَةٍ
مِنَ الأَرْضِ لا مَاءٌ لَـدَيَّ وَلا خَمْرُ
تَرَيْ أنَّ مَا أَهْلَكْتُ لَمْ يَكُ ضَائِرِي
وأنَّ يَدِي مِمَّا بَخِلْتُ بِـهِ صِفْـرُ
أَمَاوِيّ ! إنِّي رُبَّ وَاحِدِ أُمِّهِ
أَجَرْتُ فَلاَ قَتْلٌ عَلَيْـهِ وَلاَ أَسْـرُ
وَقدْ عَلِـمَ الأَقْـوَامُ لَوْ أَنَّ حَاتِمَـاً
أَرَادَ ثَـرَاءَ المالِ كَـانَ لَـهُ وَفْـرُ
وَإنّـيَ لا آلُـو بِمَـالٍ صَنِيعَـةً
فَأَوَّلُـهُ زَادٌ وَآخِـرُهُ ذُخْـرُ
يُفَـكُّ بِـهِ العَانِي وَيُؤْكَلُ طَيِّبَـاً
وَمَا إِنْ تُعَرّيـهِ القِدَاحُ وَلا الخَمْرُ
وَلا أَظْلِمُ ابْنَ العَمِّ إنْ كَانَ أُخْوَتِي
شُهُودَاً وَقَدْ أَوْدَى بِإخْوَتِهِ الدَّهْرُ
عُنِينَا زَمَانَـاً بِالتَّصَعْلُـكِ وَالغِنَـى
كَمَا الدَّهْرُ فِي أَيَّامِهِ العُسْرُ وَاليُسْرُ
كَسَيْنَا صُرُوفَ الدَّهْرِ لِينَاً وَغِلْظَـةً
وَكُلاًّ سَقَانَاهُ بِكَأْسَيْهِمَا الدَّهْـرُ
فَمَا زَادَنَا بَـأْوَاً عَلَى ذِي قَرَابَـةٍ
غِنَانَا وَلا أَزْرَى بِأَحْسَابِنَا الفَقْـرُ
فَقِدْمَاً عَصَيْتُ العَاذِلاتِ ، وَسُلِّطَتْ ،
عَلَى مُصْطَفَى مَالِي ، أَنَامِلِيَ العَشْرُ
وَمَا ضَرَّ جَارَاً ، يَا ابْنَةَ القَوْمِ ، فَاعْلَمِي
يُجَاوِرُنِي ، ألاَّ يَكُونَ لَـهُ سِتْـرُ
بِعَيْنَيَّ عَنْ جَارَاتِ قَوْمِـيَ غَفْلَـةٌ
وَفِي السَّمْعِ مِنِّي عَنْ حَدِيثِهِمِ وَقْـرُ