تسعدهم الهزائم

تسعدهم الهزائم ...!!

** أن يخرج المريخ مهزوماً - من المنافسات الرياضية - ليس بحدث جديد، لقد خرج كثيراً..وكذلك عدم تأهل الهلال إلى المباراة النهائية لتلك المنافسات، ليس بحدث فريد، لقد فشل كثيراً..ولكن البدعة هي أن جماهير المريخ تسعدها هزائم الهلال أمام الفرق الأجنبية، وكذلك جماهير الهلال تبتهج عندما يتجرع المريخ الهزيمة أمام الفرق الأجنبية ..!!
** تلك المشاعر الغريبة - والتي لاتتسق مع الأنفس السوية - لم تكن مألوفة في مجتمع السوداني، ولكنها - في أزمنة إعادة صياغة الإنسان السوداني - تجاوزت حماقة المشاعر مرحلة الظاهرة بحيث صارت تياراً..وهنا نسأل مرة أخرى، أي يكاد أن يصبح سؤالاً تقليدياً من كثرة التكرار : ما الذي يحدث لهذا المجتمع الذي كان سمحاً في طباعه وسمحاً في أخلاقه وسوياً في مشاعره؟، ومن المسؤول عما حدث - ويحدث - لتلك الطباع والأخلاق والمشاعر.؟؟
** وللأسف، ليست الشوارع والأزقة وحدها هي التي تقابل بالفرح - والشماتة - أي (فشل سوداني).. بل أيضاً بعض المنابر الإعلامية المناط بها مهام نوعية قاع المجتمع ليرتقي إلى حيث سمو المجتمع.. نعم، تلك المسماة بالجرائد الرياضية أيضاً تنزل إلى الدرك و تفرح بأي (فشل سوداني).. وهذا ما يحدث منذ خروج المريخ والهلال من المنافسة الإفريقية ..عدم إحساس السوداني بالفشل لحد الرقص والطرب، أوهكذا واقع الحال الذي يشاطرنا أحزانه الأخ الدكتور هشام المهدي، فلنقرأ أسطره مرة و..وأخرى ..!!
** ( الأخ الطاهر ..تحياتي .. أنا من المتابعين ل (إليكم) ..وجدت في مناسبة خروج فريقي (الغمة) من البطولة الأفريقية وإمتلاء الشوارع وصفحات الفيسبوك بزغاريد الفرح مناسبة للكتابة..فالكل يفرح بخروج الآخر من المنافسة..!!
** إستغراب ما بعده إستغراب..كأننا أدمننا الفشل، و نفرح للفشل، فنقيم له مهرجان الفرح..من أي أمة خرج هؤلاء؟.. أكاد لاأتبين فيهم دواخلنا السودانية، ولاقيم مجتمعنا ولا مروءة (الزول السوداني)..!!
** فى البدء لابد من الإعتراف أن هنالك مشكلة كبيرة فينا كسودانيين ..!!
** فشلنا سياسيا بحروباتنا وإنقلاباتنا.. عجزنا، ونحن ندعي النخبة الثقافية والفكرية في الوطن العربي بقولنا (الخرطوم تقرأ) فى جلب السلام السياسي وتقبل الرأي الآخر، وكأننا لا نقرأ بفهم أو كأننا ندعي العلم والمعرفة..!!
** فشلنا ثقافيا عندما عجزنا عن نشر ثقافتنا السودانية غنائياً و أدبياً واكتفينا بترديد اسطوانة شماعة الإخفاقات أو في أحسن الظروف بترديد أسماء معينة، لندعي - زوراً - أنهم غيض من فيض..!!
** فشلنا إجتماعيا في صهر كل الأعراق في بوتقة سودانية واحدة... فجرنا وأعدنا تفجير العنصرية النتنة والقبلية القميئة ..!!
** فشلنا دينيا في أن نعيش إسلام العدل والرحمة والمساواة أمام القانون..فمنا من يسترزق بدينه وصار تجارته المحببة.. ومنا من يعيث فى البلاد فساداً باسم الدين..ومنا من يكفر هذا و يهدر دم ذاك باسم الدين..ومنا من إتخذ من تراب قبور بعض بني الشر منجدة من تقلبات الدنيا..ومنا من يجعل فى الدجل والشعوذة حلولا لمشاكل دنياه...!!
** هل بعد كل هذا يجب أن لا نفشل رياضيا؟.. هل بعد كل هذا يجب أن لا نفرح جماهير الهلال بخروج المريخ من المنافسة الإفريقية ؟، أولا تفرح جماهير المريخ بخروج الهلال..؟؟
** في أي بلد يدفع المواطن مائة جنيه - أو أكثر- ليشاهد مباراة من العك الركيك، ثم يذهب إلى منزله وليس في جيبه (حق البوش)، ويكون وأطفاله في حالة جياع أو بلا رسوم دراسة ..!!
** ويتكرر في اليوم التالي نفس الإدمان الوهمي بصرف نصف دخله اليومي ليقرأ ما تكتب أو ما تنفث صحفنا الرياضية من وباء الدونية والتطرف الرياضي والتحريض السلبي.. ليضحك على (عمود فلان) أو (كاركتير علان) في فريقه الخصم..!!
** إلى متى نعيش في بلد يعيش جاهلها - و فاقدها التربوي - في نعمة مليارات التسجيلات؟.. في بلد يهرب مفكروها؟.. علماءها؟.. أطباءها؟..مهندسوها؟.. وكل الكفاءات لشظف العيش والقهر الفكري والحلم بواقع أفضل..!!
** ما العمل في وطن يفرح فيه بعضنا بالفشل بلاحياء؟، ما العمل؟؟، ما العمل ؟؟