شبكة ومنتديات البرسي الفضل
شبكة ومنتديات البرسي الفضل ترحب بكم
هذا الصندوق ليس للإزعاج، بل هو للترحيب بكم
فإن كان يزعجكم أضغط على (إخفاء)
وإن كان يهمكم أمر المنتدى فيسعدنا إنضمامكم
بالضغط على (التسجيل)، تظهر بيانات التسجيل البسيطة وننتظر مشاركتكم

نبشركم بإنطلاق منظمة البرسي الفضل الخيرية - تحت شعار "نلتقي لنرتقي"

شبكة ومنتديات البرسي الفضل
شبكة ومنتديات البرسي الفضل ترحب بكم
هذا الصندوق ليس للإزعاج، بل هو للترحيب بكم
فإن كان يزعجكم أضغط على (إخفاء)
وإن كان يهمكم أمر المنتدى فيسعدنا إنضمامكم
بالضغط على (التسجيل)، تظهر بيانات التسجيل البسيطة وننتظر مشاركتكم

نبشركم بإنطلاق منظمة البرسي الفضل الخيرية - تحت شعار "نلتقي لنرتقي"

شبكة ومنتديات البرسي الفضل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


www.barsi.sudanforums.net
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
إنطلاق "منظمة دميرة للتمنية" بالبرسي الفضل والمنطقة .. نرجو من الجميع الدعم والمساندة
البرسي الفضل"أرض العلم والمعرفة" على ضفاف النيل الأزرق حيث الخضرة والجمال، تقع البرسي شمال شرق مدينة سنار بالسودان على بعد 36 كيلومتر تقريباً من سنار، وتقع بالقرب من ود العباس.

تعتبر البرسي منارة دينية وعلمية وثقافية، مجتمع القرية مجتمع مترابط ومتواصل
التعليم في البرسي الفضل : أول مدرسة أُسست في القرية عام 1918م التي كانت رافداً تعليمياً وحيداً في منطقة النيل الأزرق الممتدة من الدمازين إلى رفاعة، ثم تأسست مدرسة للبنات عام 1959م، وتوجد بالبرسي الآن جميع المراحل الدراسية.
كان لوصول الكهرباء الي المنطقة في العام 1985 اثرا كبيراً في تغير الحياة في المنطقة من سنار حتى البرسي مرورا بعدد من القرى التي استفادت منها مما ساعد علي انتشار العلم الذي أسهم في تيسير أمور الناس عامة
المرافق الصحية والثقافية: يوجد بالبرسي مستشفي الشهيد وهو مستشفي مجهز بالوسائل والمعدات وكذلك الكوادر الطبية، إلى جانب نادي البرسي الرياضي الثقافي الاجتماعي. وبها مشروع زراعي حيوي وهو مشروع البرسي جادين الزراعي
المسافة بين البرسي والخرطوم حوالي ٢٨٦ كيلو متر جنوبا تقريبا، ويتم السفر اليها بعدة طرق منها عبور النيل الأزرق ببنطون ود الحداد، أو عبور كبري سنار الجديد ، او عبر خزان سنار .. ويجري العمل الان في طريق الأسفلت سنار - ود العباس - البرسي
جميع المقالات و المشاركات و الآراء المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى و انما تعبر عن رأي كاتبيها فقط، أو نقلاً من مصادر إخبارية مختلفة، وليس للمنتدى أي مسؤولية إعلامية أو أدبية أو قانونية تجاه المادة أو المحتوى الذى تتضمنه هذه المقالات
إدارة المنتدى تُرحب بكم في منتداكم وتتمنى تسجيلكم ومساهمتكم في إثراء صفحاته، ويشرفنا أن ينضم إلينا كل من يود الإنضمام بعيداً عن الحدود الجغرافية
بشرى سارة،،، بشرى سارة،،، بشرى سارة ،،، مرحباً بجميع الزوار يمكنكم المشاركة و الكتابة في جميع أقسام المنتدى دون التسجيل وهذه دعوة للجميع
تستطيع معرفة خطوات التسجيل فى منتديات البرسي الفضل من خلال دخولك للمنتدى العام، كما يمكن للأعضاء المتصلين الإستمتاع بخدمة الدردشة الجماعية
تسجيلك في المنتدى ومساهماتك بالموضوعات تعني إتاحة المجال للأعضاء للإستفادة من قدراتك مهما كان حجمها، كما تعنى الإستفادة من خدمات المنتدى المتنوعة
لدينا عدد مقدر من المشرفيين المتواجدين حسب مناطقهم ويرصدون أخبار المنطقة وإرسالها أول بأول عبر الايميل للأعضاء المسجلين، وأيضاً إرسال نشرات ثقافية وإجتماعية ودينية وغيرها، لذا عليكم بالاسراع بالتسجيل
أيضاً يُمكن التواصل مع إدارة المنتدى من خلال البريد الإلكترونيbarssigroup@yahoo.com

 

 قصه من الواقع - سناء جعفر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ميرغني حسن علي
نائب المراقب العام
نائب المراقب العام
ميرغني حسن علي


عدد المساهمات : 177
تاريخ التسجيل : 09/12/2010
العمر : 48
الموقع : Sudan

قصه من الواقع - سناء جعفر Empty
مُساهمةموضوع: قصه من الواقع - سناء جعفر   قصه من الواقع - سناء جعفر Emptyالسبت 24 نوفمبر 2012, 9:40 am

قصـــــــــــاصـــــة ســـــرية من دفـــــتر يوميات فــــــتاة مــــــــــعقدة

القــــاصة ســـــــنــــــــــــــــــــــاء جــــــــــعــفــــــر


أنا معقدة .. نعم اعترف بهذا الأمر .. وهي صفة تم زرعها داخلي ببطء وألم مع مرور كل يوم من أيام حياتي .. ومع كل تجربة بسيطة تمر على الباقيين مرور الكرام دون أن تخلف وراءها أثرا يبقى .. لا أستطيع أن القي اللوم على من كانوا سبب إحساسي بالنقص .. فأنا قد ولدت بأسباب عقدي ..

عندما حملت بي أمي كانت قد دخلت عقدها الخامس بسنة فتغاضت عن كل الموانع اعتبارا منها بأنها قد وصلت مرحلة الأمان من احتمال حدوث أي حمل .. حتى انقطاع دورتها الشهرية عللته بانها قد وصلت إلى سن اليأس وهذا تطور طبيعي يحدث لكل النساء في عمرها كانت امرأة ممتلئة الجسد وكل ما فيها مستدير لذلك لم يلفت بطنها المتكور انتباه أحد خصوصا وإنها لم تعان من أعراض الحمل التقليدية إلا بعد وجودي داخل أحشاءها بخمسة اشهر .. عندها بدأت تعاني من ارتفاع ضغط دمها .. التعب لاقل مجهود .. والنوم لفترات طويلة تنافست فيها مع أختي وداد التي كانت تحمل طفلتها الثالثة منذ أربعة اشهر ونصف وعندما تزايدت أعراض المرض على أمي حملوها إلى الطبيب وبعد الفحوص التقليدية ظهرت النتيجة التي كانت بمثابة قنبلة سقطت في منطقة هادئة لا حرب فيها .. فأشاعت الرعب وملأت القلوب بالتوجس .. تباينت ردود الفعل ما بين مصدق ومكذب ومصدوم ورافض .. وكان الأوان قد فات للتخلص من وجودي المزعج بعد أن تخطت أمي الشهور التي يمكن فيها إجراء عملية للتخلص من المتطفل آلاتي دون تعريض حياتها للخطر فنجوت من الوأد المبكر .. ويا ليتهم قتلوني وقتها .. فعدم وجودي ارحم كثيرا من ألم حياتي الحاضرة
مرت الأيام وحمل أمي يزداد صعوبة .. وفجأة أعلنت عن وجودي بعنفوان فاصبح بطن أمي كبالون قابل للانفجار في أي لحظة .. بعد تجاوز الإحساس بالصدمة والخجل من الحمل في هذا العمر المتأخر أصبحت أمي سعيدة بفكرة وجودي لانه أعاد إليها أحاسيس كانت تظن أنها فقدتها إلى الأبد .. واصبحت تتيه على نساء الحي بأنوثتها المثبتة ببطنها المتكور وهو يعلن بخيلاء أن خلفه امرأة ما زالت هرموناتها تعمل بكفاءة عالية ... حتى أبي اصبح اكثر لينا وحنانا .. وهبة الأبوة المتأخرة جعلته يزهو وسط أصدقاؤه ...

أثناء فحص روتيني للجنين خلال الشهر الخامس اكتشف الطبيب أن هناك غرابة وشذوذ في التكوين الجسدي للطفلة .. وأنها قد تخرج للحياة بالعديد من الإعاقات وارجع الأمر إلى الحمل في سن متأخرة إضافة إلى استعمال موانع الحمل لفترة طويلة .. تقبلت أمي الأمر بامتثال وخضوع لارادة رب العالمين لكنها لم تستطع إخفاء صدمتها وانفجرت بالبكاء عندما أعطوها قطعة لحم صغيرة حمراء بملامح مطموسة مع نتوء كبير في الجهة اليمنى من كتفها الصغير ألم أخبركم باني قد ولدت بأسباب تعقيدي ؟؟
المضحك في الأمر أن أمي قررت وبكل إصرار تسميتي " جميلة " كأنها أرادت أن تثبت لنفسها وللآخرين إن شكلي لا يهم .. وإنني طفلتها الجميلة في عينيها مهما كان مظهرها ..

مرت السنوات سريعة كنت خلالها اكبر يوما بيوم مع إيمان ابنة شقيقتي وداد التي وضعتها بعدي بيومين ... فكنا كالتوأم وليس كخالة وابنة أختها اعني توأم في الإحساس ومسار النمو وليس في الشكل لان إيمان كانت طفلة جميلة بكل معنى الكلمة عكسي أنا خصوصا بعد أن تمركزت الحدبة في وسط ظهري مع حجم ضئيل وقدم اقصر من الثانية بعدة مليمترات .. عدا ذلك لم اكن أعاني من شئ .. على العكس كنت امتلك ذكاء غير عادي بالنسبة لطفلة في عمري .. تكلمت بطلاقة في شهري الرابع عشر .. في عمر ثلاث سنوات كنت قد حفظت جداول الضرب وقصار صور القرآن الكريم والحروف الأبجدية العربية والإنجليزية .. كنت تجسيد لمقولة كل ذي عاهة جبار .. مرت سنوات الدراسة بين المتعة والعذاب .. متعة التفوق والنبوغ .. وعذاب الرسوب في العلاقات الاجتماعية .. تميزي الأكاديمي جعلني أتخطى أقراني بعدة سنوات فوجدت نفسي في صفوف أعلى بزميلات اكبر سنا واكثر قسوة .. لم يعجبهم أن تأتى هذه الفتاة المعاقة لتحتل المرتبة الأولى وتصبح نجمة المدرسة .. أحيانا كنت اسمع همسهم وهم يصفونني بكلمة " الخلاقة " من وراء ظهري فاتالم والعن سمعي الحاد الذي يجعلني التقط الهمس من مسافات بعيدة.

في الرابعة عشرة كنت اصغر طالبة تجلس لامتحان الشهادة السودانية .. كانت الرياضيات التخصص مادتي الأساسية .. والأحياء مادة إضافية .. أهلني مجموعي لدخول كليتي الطب والهندسة من أوسع الأبواب .. فاخترت كلية العلوم الرياضية وتخصصت في الحاسب الآلي لعلمي باني سأبرع في التعامل مع الأرقام الجامدة اكثر من براعتي مع البشر .. طيلة سنوات الدراسة الجامعية كنت اجلس منزوية ارقب علاقات تبدا وأخرى تنتهي .. نظرات ولهى وأخرى حزينة .. همسات ناعمة وضحكات فرحة .. كنت أدرك أنها مشاعر لن تمر بي ولن اختبرها أبدا وسأظل العب دور المتفرج الوحيد في مسرح المشاعر حتى آخر يوم في عمري وكانت هيئتي سبب وحدتي ونفور الناس مني ..لم يكن بمقدورهم النظر إلى ابعد من ظهري المحدوب أو رجلي العرجاء ليرى جمال روحي أو صفاتي الأخرى واكتفى الجميع بالفرجة المجانية على هذا المخلوق المشوه .. كنت أتظاهر بالتجلد والبرود أمام النظرات المشفقة أو المندهشة وعودت نفسي على عدم الاهتمام بمن حولي من البشر ... حتى التقيته ..

كان مخلوقاً بالغ الوسامة .. دمث الخلق .. حلو المعشر .. يملك ابتسامة لها القدرة على إذابة جليد القطب الشمالي .. وضحكة تجعل الشجر يرقص .. في عينيه بريق آسر .. صوته بعمق البحر .. لونه بصفاء الذهب .. مع شخصية قوية تفرض وجودها المهيمن حيثما حلت .. حتى أنا التي كنت احتقر الجمال .. احترمته .. واحببته .. نعم أحببته دون تخطيط او تعمّد .. تم لقاؤنا صدفة في إحدى الندوات التي تقيمها الجامعة عن البرمجة والصيانة .. كنت في سنتي الأخيرة بالكلية وقد ذاع صيتي كعبقرية في مجال الكمبيوتر .. تصلني الدعوات من كل مكان لحضور المؤتمرات التي اقدم فيها أفكاري وبرامجي التي جعلت كل شركات التقنية تتمنى أن انضم إليها .. ووصلتني عروض مغرية حتى قبل التخرج..

رفضت كل العروض لأنها كانت تقدم لجميلة الآلة المتطورة .. وليس جميلة الإنسان الكامن وراء المظهر المنفر .. بدأت علاقتي بأسامة بعد نقاش حاد عندما اختلفت وجهات نظرنا في موضوع يختص بالبرمجة وتشبث كل من بوجهة نظره .. لقد نسيت أن أخبركم بأنه محلل نظم حاصل على ماجستير في مجاله من جامعة بونا بالهند .. انشأ شركة مع مجموعة من أصدقاؤه وكانت تتقدم بخطوات حثيثة ..

بعد ذلك النقاش التقينا عدة مرات ولعب اهتمامنا المشترك بالكمبيوتر دوره في تقريب وجهات النظر .. طلب مني الحضور إلى شركته لإبداء رأيي في بعض المسائل الفنية .. وبعد العمل جلسنا في مكتبه الصغير وكان حوارا طويلا في شتى أمور الحياة .. اكتشفت بعدها انه يقرا نفس كتبي ويسمع نفس أغنياتي .. يحب نفس شعرائي .. أحسست بما يشبه الخدر يتسلل إلى أعماقي .. كان للحديث معه لذة غريبة .. متعة خالصة .. وكانت كلماته تصافح أذني كقطرات من العسل الشهي في فم اعتاد مذاق المرارة .. كل هذا وهو لاهي عن الأثر الذي يحدثه في نفسي ..

بمرور الأيام وتعدد اللقاءات غرقت تماما في حب هذا الرجل الحلم ... هذا الحلم المستحيل .. برغم معاملته المتميزة الا انني لم اعطي نفسي الحق في التفكير بانها قد تنم عن شئ غير الاحترام لعملي وعلمي وتفوقي في مجال هو يحبه .. اصبحت لقاءاتنا شبه يومية .. وصار وجودنا الدائم معا مثار تعليقات وغمزات .. فقد صدف يوما وجودي في مكتبة الجامعة وراء كومة عالية من الكتب التي اخفت حجمي الضئيل .. وفي طاولة بعيدة عني جلست فتاتان جميلتان تتحدثان بهمس خافت .. استطاع سمعي الحاد ان يلتقطه بسهولة .. كنت انا واسامة محور الحديث ...

" تصدقي انا محتارة في الولد دة .. بسماحته دي كلها ما لقى غير البت المخلقنة دي يمشي معاها ؟؟ والموضوع باين عليه كل يوم بيتطور زيادة .. في الاول كان بيجي كل فترة .. هسة يوم والتاني ناطي ليها .. يا ربي العاجبه فيها شنو ؟؟ ظهرها ابو حدبة ولا رجلها العرجاء .. حتى وشها شين ولونها عامل زي الطين .. وكلامها دشن وكله عن الكمبيوتر والرياضيات عاملة فيها اينشتاين "
ردت الاخرى بصوت ناعس " يا عويرة ما هو دة الفلم زاته .. مش بيقولوا كل راجل عنده مفتاح لقلبه ؟؟ الزولة دي زكية شديد وعرفت من وين تدخل ليه لاني على حسب ما عرفت انو هو زاته بتاع كمبيوتر وعنده شركة .. يعني الاهتمامات المشتركة لعبت دور .. تصدقي احتمال ما يكون شايف منظرها دة زي ما احنا بنشوفه ؟؟ احتمال يكون شايفها بعيون تانية .. من كمبيوتر لكمبيوتر يعني "

يبدو ان مزاح ذات الصوت الناعس اغضب ذات الصوت الحاد فنسيت هدوء المكتبة وعلا صوتها وهي ترد على صديقتها " بلا عيون تانية ولا تالتة .. الزولة دي بكل العيون بتتشاف قبيحة .. لا والمهزلة انو اسمها جميلة ؟؟ والله ما عارفة اهلها ديل لمن سموها الاسم دة كانوا بيفكروا في شنو ؟؟ .. عارفة انا لمن اشوفهم مع بعض باتذكر مسلسل الجميلة والوحش بس هنا الآية معكوسة نسميها الوسيم والقبيحة وبدل فنسنت وكاثرين عندنا جميلة واسامة "
جعلتني الكلمات القاسية انزوي اكثر واكثر وراء كومة الكتب وانا افكر بمرارة ما اصعب ظلم الانسان لاخيه الانسان .. وما اشد قسوة البشر على بعضهم البعض .. قسوة تفوق تلك التي تمارسها الوحوش في الغابات .. اقله هي تقتل بدافع الجوع فقط أي لسبب مشروع .. ولكن البشر يقتلون بعضهم بلا اسباب ..

عندما عدت الى المنزل ذلك اليوم اغلقت باب غرفتي وغرقت في حزن عميق .. احسست بالرثاء على نفسي ولعنت ظروفي .. لقد اعادتني همسات المكتبة الى ارض الواقع بعد ان عشت في خيالي لفترة طويلة .. منذ تعرفي باسامة اصبحت احس وكأنني كازيمودو قارع اجراس كنيسة نوتردام الاحدب القبيح الذي احب ازميرالدا الغجرية الجميلة .. واصبحت هذه القصة مرجعي الذي اعود اليه كل ليلة لاذكر نفسي بما قد يكون .

تخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف الاولى .. انهالت علي عروض العمل من كل مكان حتى من خارج السودان .. وبرغم المغريات الكثيرة الا انني فضلت البقاء في السودان .. حيث يوجد اسامة .. قبلت منصب معيدة في الجامعة حتى يتوفر لدي الوقت لتحضير رسالة الماجستير ووزعت وقتي بين الجامعة صباحا .. المكتبة ظهرا .. وشركة اسامة مساء حيث عملت كمستشار براتب مجزي .. وقتها اعتقدت بان الحياة لا يمكنها ان تكون اجمل مما هي عليه .. ما زال اسامة يزرع الامل بداخلي مع معاملته المميزة ولطفه ومراعاته .. وانا ما زلت ازرع حبه سرا مع كل نظرة او لمسة غير مقصودة اثناء العمل سويا على لوحة المفاتيح تغيرت نظرتي للحياة .. خلعت منظاري الاسود واعتبرت نفسي في مرحلة انتقالية كي البس الوردي ..

استمر الحال هكذا حتى جاء اليوم الذي تم فيه تعيين سوزان المتخرجة حديثا من كمبيوتر مان للعمل كفنية في الشركة التي اصبحت بفضل وجودي وعملي المخلص من اكبر الشركات واتسع نشاطها ليشمل خدمات ما بعد البيع عندما افتتحنا صالة العرض الضخمة التي تضم احدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في هذا المجال بالطبع كان مكان سوزان في الواجهة بسبب جمالها الفتان ورشاقتها المبهرة واناقتها المفرطة ولغتها المميزة .. بينما اكتفيت انا بمكتب صغير في آخر الصالة .. بمجرد رؤيتها قرع كازيمودو اجراس الخطر في راسي .. لكنني اسكتها وجلست اراقب توددها المستتر الى اسامة .. كل يوم اقيس درجة صموده بترمومتر حساس احمله داخلي .. بدات اشارات الترمومتر بالانخفاض وانا عاجزة عن التدخل .. لم تكن تحبني .. وتغار من طريقة اسامة في معاملتي ..

تباً لسمعي الحاد .. لماذا لم يكن ناقصا كبقية اجزاء جسدي ؟؟
كنت معتادة على الحضور عند الساعة الخامسة مساء .. لكن في ذلك اليوم المشئوم اتيت مبكرة وجلست في مكتبي الصغير دون ان التقي احدا .. لم اتعمد الاختباء او عدم اعلان وجودي .. كنت اعلم ان اسامة سوف ياتي لتفقدي حالما يصل مثل كل يوم .. سمعت ترافق خطواتهما معا .. خطوات اسامة هادئة وواثقة وكعب سوزان العالي وهو يضرب سيراميك الارضية بتتابع رتيب وهما يتجهان الى مكتب اسامة .. لماذا اتوا مبكرين اليوم ؟؟ كنت اود ان انعم ببعض الهدوء والعزلة لترتيب اوراق بحث الماجستير .. لذلك لزمت مكاني وهممت بفتح حقيبتي المنتفخة بالاوراق عندما اتاني صوت الضحكة المليئة بالدلال والغنج .. شيئا ما فيها جمد حواسي فتوقفت يدي في منتصف الطريق واصخت السمع ليأتيني صوت سوزان متبرماً ملحاً ...

" اسامة .. انا ما عارفة انت ليه مصر على وجود جميلة في الشركة ؟؟ .. خلاص انا موجودة وممكن اقوم بكل شغلها .. ولا انت ما عندك ثقة في كفاءتي ؟؟ وبعدين تعال اسالك انت ليه ما عاوزها تعرف بعلاقتنا ؟؟ وليه بتتعامل معاها بالطريقة دي ؟؟ البيشوفك بتعاملها كدة يقول بتحبها .."
وكان رد اسامة ضربة قاسية لكازيمودو .. " سوزان .. قولي بسم الله .. احبها شنو ؟؟ واحبها كيف يعني ؟؟ هو البيعرفك انتي تاني بيقدر يحب بت غيرك ؟؟ خلي تكون جميلة ؟؟ انا بس مجرد باشفق عليها عشان حالتها .. دي بت مسكينة ما تشوفي شكلها القبيح دة لكن جواها انسانة جميلة ومثقفة وفاهمة شديد .. و قاطعته سوزان بصوت ممتلئ غيرة وحقداً " يا اخي ما تنظم لي فيها قصيدة شعر ؟؟ بلا جميلة بلا مثقفة .. اسمع يا اسامة انا المخلوقة دي ما باحبها .. يا اخي لمن اشوفها بتجيني غمة في صدري .. باتشاءم من منظرها وبتذكرني افلام الرعب .. وهي زاتها بتكرهني شديد وما طايقة وجودي في الشركة .. يبقى خلاص انت حدد منو فينا التقعد ومنو التمشي ".

كان صوت اسامة مستعطفاً وملحا " يا سوزان كبري عقلك .. انا محتاج لجميلة عشان الشغل يمشي .. انتي عارفة انو الزولة دي عبقرية في مجالها .. والشركات المنافسة لي كلها بتتمنى لو بس تديها ساعة من وقتها .. ما باقدر افرط فيها .. حاليا على الاقل لغاية ما الشغل يثبت شوية .. واوعدك بعد كدة استغنى عنها "
وكأن اصرار اسامة على وجودي زادها غيرة وعناداً فاتى صوتها حادا ومصمما ً " خلاص يا اسامة لو انت اخترت تخلي جميلة انا حاطلع .. مش من الشركة بس .. من حياتك كلها .. انا باقول ليك يا انا يا هي "
بدا صوت اسامة متوترا وهو يرجوها " يا سوزان ما تختيني في حتة ضيقة .. البت بتشتغل لي بكل اخلاص .. عاوزاني اقول ليها شنو ؟؟ فجاة كدة ما عاوزك ؟؟ ".

وقبل ان ترد سوزان اتاه ردي " ما في داعي تقول أي شئ يا اسامة ... وشكرا يا سيدي على شفقتك وعطفك يسعدني ارجعهم ليك لاني ما محتاجة ليهم .. ومعاهم هدية ليكم الاتنين مرتب الشهر دة .. اعتبروها هدية عرس مقدمة مني ليكم "
خرجت بكرامة جريحة .. قلب مكسور وظهر محدوب ...

رفضت كل عروض العمل المغرية وقررت التفرغ للجامعة والتحضير ... وعالمي الخاص .. عندما ياتي الليل ويسود الهدوء احضر لنفسي كوب شاي بالحليب ..ساندويتش جبن بالطماطم .. وافتح ابواب عالمي الخاص .. عالم يتكون من نفسي التي ازدادت عقدها .. ولوحة المفاتيح .. وخيال واسع ..
عالم خلقت فيه عدد لا متناه من الاشكال والاسماء .. عالم النت الغريب .. عالم انا المتحكمة بسير الامور فيه .. بضغطة زر اصنع كيانا جديدا .. وبآخرى امحوه .. لكل شخص التقيه انا شخصية جديدة باسم جديد وهيئة مختلفة .. القاسم المشترك بينهم جميعاً ان كل الاسماء جذابة وموحية .. وكل الهيئات جميلة وساحرة .. ليس فيها عيب او نقص .

ولجت كل المنتديات السودانية .. واصبحت نجمة فيها .. في منتدى الحب .. انا حبيبة .. الفتاة الجميلة المدللة التي تدخل وهي تتابط لوحة اشارات فتعطي هذا الضوء الاخضر وتضع آخر في الاصفر لتضئ الاحمر لمغفل صدق اكاذيبها ووعودها ...

في منتدى العقلاء انا لبابة الفتاة العاقلة المثقفة التي يطلب الكل وصالها وتتمنع ..
في منتدى الضحك والفرفشة .. انا بسمة الشقية المرحة .. احب الفرح واكره الحزن ..
واصبحت ضوء تدور حوله الفراشات .. تعلقت بي قلوب الكثيرين .. وفي كل ليلة تاتيني عشرات رسائل الحب .. ومئات الطلبات بكشف هويتي او وضع صورتي .. وكنت اجد لكل طلب حجة مختلفة .. وكان تمنعي يزيد الجميع اصرارا ..
يا لهم من مغفلين يتنفسون السذاجة .. الا يملكون من الفطنة ما يكفي لادراك ان النت ما هو الا اكذوبة صنعها شخص مثلي خاف ان يواجه العالم فاختبا وراء الشاشة ولوحة المفاتيح واصبح تجسيد لكل الاحلام والامنيات ؟؟
ام تعمدوا ان يغرقوا في هذا العالم الخيالي واتقنوا لبس الاقنعة الجميلة الملونة التي تخفي قبحهم وقسوتهم وضياعهم ؟؟
لا اشعر بالندم لما افعله بهم .. انهم يستحقون اكثر بكثير نظير ما فعلوه بي .. كل الذين رفضوني في الواقع احبوني في الخيال .. كل من كره مظهري واشماز من شكلي جعلته يعشق صورتي الوهمية
سوزان .. التي يبدو ان حبها لاسامة لم يكن متينا بقدر ما رادت ان تجعله وتصدقه .. فقد اغرقتها في وهم رجل ناضج ثري يبحث عن زوجة جميلة ومتعلمة تحب السفر ورؤية العالم مع زوج متفتح ووسيم .. جعلتها تتخلى عن واقع جميل سرقته مني بقسوة لاجل الحلم القادم من وراء البحار بعد ان اقنعتها بانه في الطريق وقد اقترب موعد وصوله .. تخلت عن اسامة وما زالت تنتظر حلمها ..

اسامة يعيش قصة حب ملتهبة عوضته عن فقد سوزان .. حبيبته هيَا الفتاة السودانية التي تعيش مع والدها المستشار في قصر السلطان قابوس .. فتاة كاملة المواصفات .. رسمتها بإتقان كي تتوافق مع كل تطلعاته ورغباته .. حتى صورتها التي ارسلتها بعد تمنع دام شهوراً صممتها ببرنامج طورته بنفسي .. صورة فتاة حلم تحمل عيون ميسم نحاس وشعر ميريام فارس .. قوام اليسا ودلال نانسي عجرم .. تحفظ شعر نزار قباني وبدر عبد المحسن .. تقرا لعبد الرحمن منيف وماركيز .. تستمع لمصطفى سيد احمد وتهيم باغاني سيلين ديون وغريج ديفيد .. ما زال اسامة بانتظار حضورها في الاجازة كما وعدته والا فسوف يحضر هو اليها كما هددها .. اتمنى ان ارى وجهه لحظة وصوله ليجد الخيال بانتظاره ..

لقد اصبح هذا عالمي الذي احفظ دروبه عن ظهر قلب واتجول فيه بكل ثقة .. لا اسمح لاحد بمعرفة مكانه ولا دخوله .. فانا امهر من ان اترك اثرا يقتفى او ثغرة لدخول المتطفلين الفضوليين ..

انت .. نعم انت يا من تقرا سطوري الان .. ربما كنت احد ضحاياي السابقين .. او قد تكون ضحيتي القادمة .. لن تعرفني .. ولن تدرك من اكون حتى اللحظة الاخيرة عندما تصبح واثقا من انك قد امتلكني .. لحظتها فقط ساذهب عنك واتركك تطارد سراب وجودي وخيالي الذي صنعه بيدي وأوهامك ..

احذروني .. يا من طردتموني من عالمكم بدعوى حب الجمال .. لقد أدخلتكم عالمي أيضا بدعوى حب الجمال .. لقد جعلتم حياتي مجموعة من العقد المتصلة .. وأنا الآن استخدمكم لاحل عقدي التي صنعتموها ..

احذروني ...
فأنا اقف وراء كل فتاة جميلة تقطن عالم النت وتتقن الضرب على لوحة المفاتيح .. والقلوب
أحذروني ..
فانا اكمن داخل كل رسالة تأتيك من مجهولة تدعي الوحدة وترغب في تكوين صداقات ..
أحذروني ...
فانا اعيش داخل كل اسم مستعار ..
احذروني .. فانا كازيمودو الذي اصبح ازميرالدا ...

****************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصه من الواقع - سناء جعفر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة ومنتديات البرسي الفضل :: أقسام المنتدى :: المنتدى الثقافي-
انتقل الى: